البورصة المصرية
البورصات العربية قريبا
مغلق
مفتوح
المزيد
ads

التحولات الاقتصادية العالمية والعملات الرقمية


بداية حرب العملات الرقمية

يقول "جيمس ريكاردز" في كتابه الأكثر مبيعًا "حروب العملات: صنع الأزمة العالمية التالية" إن حرب العملات التي تخوضها دولة ما لتعزيز قدرتها التنافسية عبر خفض قيمة عملتها المحلية مقابل غيرها، هي واحدة من أكثر النتائج المدمرة والمخيفة للاقتصاد الدولي ، و تكمن فكرة سعر صرف العملة في أن قيمتها يجب أن تعكس نوعاً ما قوى السوق وتحركاته وما يطرأ عليها من تغيرات بناء على حجم هذه القوى.

ووفقا لوكالات الانباء العالمية تستعد الصين من أجل إطلاق عملتهما الرقمية المشفرة، التي باتت تمثل حلا بالنسبة لكثيرين في الصين في ظل الحرب التجارية المستعرة مع الولايات المتحدة كما انها تمثل انقلابا في السياسة الصينية المتبعة تجاه العملات الرقمية، حيث استهجنت بكين استعمالها في البداية ولمواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة، قامت الصين بتخفيض قيمة عملتها اليوان، الأمر الذي دفع كثيرا من الصينيين للإقبال على البتكوين باعتبارها حافظة للمكاسب.

الخطوة لم تكن مفاجأه للمتابعين للشأن الاقتصادي فهناك اتجاه عالمي شامل حاليا لاصدار دول و مؤسسات عالمية و اقليمية لعملات رقمية وسط رفض امريكي ملحوظ الا ان الكثيرين ممن يتجهون حاليا لهذه الخطوه يرون ان الميزه الرئيسية تتمثل في تسهيل المعاملات الاليكترونية و هو ظاهر الامر الا ان السبب الرئيسي علي الارجح هو التخلص من رقابة البنوك المركزيه الصارمه  هو الامر الذي مثل احد اكبر مشكلتين للعملات الرقمية علي مدار العامين الاخيرين فالاول تمثل في المضاربة غير المحسوبة و غياب اليات التسعير لهذه العملات مما تسبب في خسائر حادة في اسواق المال العالمية نتيجة لهذه المضاربات و صدور تحذيرت عالمية و مصرية ايضا من المضاربة علي هذه العملات في ضوء ان فكرة تلك العملة تتمثل في عدم وجود كيان متحكم فيها أو أى جهة يمكن أن نطبعها، وقد تتعرض منصاتها لعمليات سرقة في ضوء أن مفتاح التشفير الرقمي هو سر عملة البتكوين، اما المشكلة الثانية فهي أن تلك العملة لا تخضع لأى رقابة مما يجعلها تستخدم لتمويل عمليات إرهابية او انشطة غير مشروعه او نظرا لعدم الرقابة عليها او امكانية تتبعها. 


عملة فيس بوك الرقمية و مخاطرها

 عام 2009 شهد انطلاق عملة البتكوين الا انها لم تكن إلا أداة للتبادل فقط ، و هو ما سعت فيس بوك للاستفادة منه مؤخرا بالكشف وفقا لوكالات الانباء عن خطة طموحة لإنشاء عملة رقمية جديدة تشبه "بيتكوين" للاستخدام العالمي، والتي يمكن أن تشجع على المزيد من التجارة الإلكترونية على خدماتها وتعزز الإعلانات على منصاتها مع شركائها، ومن بينهم شركات "باي بال" و"أوبر" و"سبوتيفاي" و"فيزا" و"ماستركارد"، وعلى وقع الاستعداد لاطلاق تلك العملة يسعى الفيسبوك إلى إنشاء صراف آلى لتحويل النقود العادية إلى عملتها الجديدة والعكس ، بالإضافة إلى إنشاء منصات تختلف عن منصات الفيسبوك العادية ويمكن لزوار مواقع التواصل الاجتماعى استخدام ( الليبرا ) في تسديد المدفوعات والتجارة والحصول على التطبيقات ، و تمتلك عده مزايا هي أنها مربوطة بعدة عملات عالمية، ومحمية من المضاربات المالية ، ومدعومة بأصول حكومية ، بالإضافة إلى استطاعة الفيسبوك إصدار المزيد منها عند الحاجة وهو ما يحميها بشكل أكبر من التقلبات ، كما أن تداول الأموال باستخدامها يتم عبر منصات "الماسنجر" و "الواتس آب "المملوكين للشركة، وسيكون لدى من يرغب في التعامل بها محفظة إلكترونية يمكن من خلالها الاحتفاظ بالمزيد من العملة .

وبحسب ما نشره مؤسس الفيسبوك مارك زوكربيرج على صفحته الرسمية على الفيسبوك، فإنه تتمثل مهمة "ليبرا" في إنشاء بنية تحتية مالية عالمية بسيطة تمكن مليارات الأشخاص حول العالم من الدفع باستخدام العملة الرقمية الجديدة مدعومة بتقنية blockchain موضحا ان هذا مهم للأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى البنوك التقليدية أو الخدمات المالية. ولكن يوجد في الوقت الحالي حوالي مليار شخص ليس لديهم حساب بنكي ولكن لديهم هاتف محمول" و قال "إننا نطمح التسهيل على الجميع إرسال الأموال واستلامها تمامًا مثلما تستخدم تطبيقاتنا لمشاركة الرسائل والصور على الفور " .

الامر لم يكن بهذه البساطه فمنذ اللحظة الاولي و قد واجهت العمله الجديده هجوما قويا و هو ذات ما سيحدث تقريبا بالنسبة للعمله الصينية لعدة اسباب متشابهه علي راسها عدد مستخدمي الفيسبوك و الذي يتجاوز 2.5 مليار و هو ما يقابله عدد السكان و حجم الاقتصادي الصيني اما المحور الثاني فهو غياب اليات الرقابة عليها مما سيمثل تحديا كبيرا لاسس الاقتصاد العالمي مع إمكانية استغلالها لأغراض غير سليمه .

ستيفن منوشن، وزير الخزانة الأمريكي قال إن ليبرا قد تستغل من قبل من يمارسون "غسل الأموال وممولي الإرهاب"، مشددا على أن هذه العملة قد تشكل خطرا على الأمن الوطني وأوضح أنه لا يشعر "بالارتياح" لليبرا لينضم بذلك إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبنك الاحتياطي الفيدرالي في التعبير عن مخاوفهم من قبل حيال عملة فيسبوك المشفرة.

وقال منوشين إن الليبرا لابد أن تقنع السلطات المالية أنها سوف توفر معايير خصوصية عالية و هو ما يؤكد رؤية اغلب الفاعلين الاقتصادين من انه من غير المرجح أن يؤدي إنشاء فيسبوك عملتها الخاصة على مستوى العالم، إلى كبح اهتمام الهيئات التنظيمية بالعملات الرقمية علي الرغم من الجهود التنظيمية التي شهدتها العديد من دول العالم بخصوصها خلال العام الماضي .


المدينة الرقمية الفاضلة و تاثيراتها السياسية

وفقا لاراء الكثير من المحللين عبر المواقع الاخبارية فان ما يحدث حاليا هو بمثابة اطلاق لمصطلح "المدينة الرقمية الفاضلة" ذات العملات المشفرة فهناك علاقة وثيقة بين مبدأ التحرر الاقتصادي، وحركة العملة الرقيمة المشفرة. فتلك العملات ، تعتمد على نظام غير مركزي، وغير خاضع للوائح والنظم في أغلب الأحوال ، لهذا – و الراي لازال لكتابات في هذا الموضوع - فاذا اتبع المتحررون الرقميون نموذج المدينة الفاضلة "سول"، المنشود إقامته في بورتوريكو، في أماكن أخرى من العالم، فإن بإمكانهم أن يركزوا على تلك الأجزاء من العالم التي تعرضت لكوارث مثل الزلازل، أو موجات المد تسونامي، أو الأعاصير، أو الأزمات الاقتصادية الحادة ، او حروب او ثورات مثل الربيع العربي ، الا ان الراي تمثل في انه في الفترات الانتقالية، عندما لا نستطيع استكشاف مدى نجاح العملات الرقمية المشفرة وتطبيقات نظم المعاملات المالية الآمنة "بلوك تشين"، فعلينا أن نتريث وأن نكون متشككين في مبادرات مثل المدينة الرقمية الفاضلة "سول".

ليليو كلاسين، رئيس مؤسسة عملة "بيتكوين" الافتراضية قال لبي بي سي إن نظام تأمين البيانات للعملة الرقمية، التي تحول الأصول إلى وحدة رقمية مميزة لها على قاعدة بيانات البلوك شين، قد يكون له أيضا تأثير كبير على أفريقيا وأضاف :"يعني ذلك أن صاحب الشركة الصغيرة يمكنه ترميز الأسهم في شركته بحيث لا يضطر المستثمرون إلى اللجوء إلى وسيط مركزي أو تسجيل أسهمهم". وقال إن ذلك قد يجعل من السهل على المستثمرين وضع الأموال وسحبها أثناء مباشرة الأعمال وقال :"حتى أكون أمينا، ليست البيتكوين في مركز يضعها بديل عن النقدية حاليا. لا تنظروا إليها كعملات نقدية، أنظروا إليها كأحد الأشكال الرقمية للذهب الذي يجعلك قادرا على البقاء خارج المناخ المالي الراهن".



تحولات السياسات النقدية العالمية

المعضله التي تزيد حاليا من الاتجاه نحو العملات الرقمية هو وضع الدولار كعمله احتياطي دوليه "فترافيس بارتون" مؤسس "ديجينوميكس" للأخبار والدراسات المتعلقة بالتوجهات الرقمية وعلى رأسها العملات الافتراضية: إدارة مستويات الادخار الوطنية إلى جانب السيولة الدولية لا تزال تشكل عائقًا أمام النمو الاقتصادي، ومع ذلك فهناك حل و اقترح "بارتون" استخدام العملة الرقمية (الأوسع انتشارًا والأكبر قيمة) كبديل لعملة الاحتياط العالمية ، ووفقا لوكالات الانباء فإن مخاوف البنوك المركزية العالمية والحكومات من هذه العملة واسعة، وتم توجيه الاتهامات إليها هي وقريناتها بتسهيل الأعمال غير المشروعة لعدم خضوعها للرقابة، لكن يبدو أن مقترح العملات الرقمية لم يرفض بشكل مطلق.

ووفقا لورقة بحثيه اعدتها د. نجوي سمك فأن عمل البنك المركزي أصبح أكثر تعقيدا، فإنه لا يزال من الممكن إدارة  عرض النقد وأسعار الفائدة في السوق الا انه بالطبع وجود النقود الافتراضية يزيد الأمر تعقيداً وتحوطاً من قبل البنوك المركزية  كماإن العملات  الرقمية الافتراضية  تفرض على الحكومات والمصارف المركزية الاختيار بين الحظر، والسماح، أو الاشتراك في ابتكاراتها وفي معظم الاقتصادات الناضجة، اتخذت البنوك المركزية  موقفا في منتصف الطريق وهو الاستفادة من التكنولوجيا التي فرضت نفسها على العالم  مع عدد قليل من دراسة إمكانية الاشتراك لإصدار العملة الرقمية السيادية التي لم تري النور بعد .

 ان المتفق عليه حاليا و الراي الذي تتناقله دوما المحافل الاقتصادية هي ان العملات الرقمية cryptoeconomics  اصبحت حقل بحث نابض بالعديد من التنبؤات والمعلومات والعلم والمعرفة في مفاهيم جديدة ستغير منحنيات العالم الاقتصادية، دراسة البلوكشين يجب ألا تترك فقط لعلماء الكمبيوتر لهذا فان الامر يحتاج الان الي اعادة نظر شامله في الامكانيات التي تحتاج اليها مصر حاليا لاستخدام البيانات الضخمة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتقديم القروض حيث يستلزم ذلك إلى البيئة التنظيمية التي تسهل توليد كمية هائلة من البيانات و اتصور ان ذلك امر ليس بعيد المنال في ضوء الخطوات الحالية التي تقوم بها مصر .


** خبير اقتصادى 

تعليقات فيسبوك

تابعونا على

google news

nabd app news
اشترك في نشرتنا البريدية
almasdar

ليصلك كل جديد في قطاع البورصة والبنوك