شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة نقاشية حول «البنية العالمية الناشئة»، خلال فعاليات الندوة المصرفية الدولية السنوية الأربعون لمجموعة الثلاثين بواشنطن Group of Thirty، وذلك في ختام زيارتها لواشنطن للمشاركة بالاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى تصاعد أعباء الديون في الدول الناشئة بفعل التحديات التي تتنوع ما بين الاضطرابات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، وهو ما يجعل الحيز المالي بالنسبة للدول محدود في سبيل تحقيق التنمية، فيما تتسع فجوات عدم المساواة، ويظل النظام المالي الدولي يواجه تحديات في تقديم الدعم بالقدر الكافي، وفي التوقيت المناسب، وبشكل منصف وشامل.
وذكرت، أنه لا يوجد نموذج واحد يصلح للجميع، وأن لكل دولة ظروفها وسياقها الاقتصادي والاجتماعي الخاص، لذلك هناك خصوصية في السياسات والبرامج التي يجب أن تنفذها كل دولة.
وأكدت، أن تلك التطورات، تحتم ضرورة تغيير نوعية الاستجابة للأزمات من الإجراءات قصيرة الأجل، إلى التركيز على الإصلاحات الهيكلية طويلة الأمد التي تعزز من المسار التنموي المستدام، وتساعد على الحد من أوجه عدم المساواة، بما يشمل تعزيز رأس المال البشري ذلك المكون الذي يُشكل جوهر التنمية حتى نتمكن من بناء قدرات مرنة قادرة على الصمود أمام الصدمات المستقبلية.
ونوهت، إلى قضية بالغة الأهمية، وهي إعادة تعريف المنافع العامة العالمية ، فمع تصاعد المخاطر المناخية، حين تنفق الدول مواردها لحماية شعوبها من آثار التغير المناخي أو الكوارث البيئية، فهي في الواقع تسهم في حماية العالم بأسره. ومن ثم، يصبح من الضروري إعادة النظر في كيفية احتساب هذه الجهود ضمن تحليلات استدامة الديون بحيث يُؤخذ في الاعتبار ما تقوم به الدول ليس فقط لصالحها، بل لصالح المجتمع الدولي ككل.
كما تحدثت عن حوكمة النظام العالمي، وضرورة أن يكون صوت الجنوب العالمي وصوت الأسواق الناشئة أكثر حضورًا وتأثيرًا داخل هياكل الحوكمة في مؤسسات التمويل الدولية، مشيرة إلى العديد من المبادرات التي تتناول هذا الشأن من بينها مبادرة «بريدج تاون».
وأكدت، أن البرامج التي ينفذها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اليوم، من خلال تجربة الدول المتعاملة معهما تؤكد وجود قدر أكبر من الاتساق والتكامل بين رسائلهما ومقارباتهما مقارنةً بالماضي. ففي هذه الاجتماعات السنوية، تتردد مفردات مثل النمو وفرص العمل في كل مناقشة، سواء داخل أروقة الصندوق أو البنك، وهو ما يعكس توجهًا موحدًا نحو ربط الاستقرار المالي بالبعد التنموي والاجتماعي، كما أن العلاقة بين الدول وهذه المؤسسات المالية الدولية أصبحت تتطور من علاقة تمويلية بحتة إلى علاقة تشاركية في تصميم السياسات التنموية على مستوى الدولة.
وتطرقت، إلى خارطة طريق تطوير البنك الدولي، الذي يتحول إلى بنك للمعرفة، وهو ما يمنحه أهمية كبيرة في دعم تصميم السياسات المبنية على المعرفة والخبرة، بما يعزز جودة وكفاءة التمويل، ويدعم جهود تبادل الخبرات التنموية.
وأوضحت أن مؤسسات التمويل الدولية أمامها اليوم دور محوري في تعزيز تبادل الخبرات بين الدول، بما يعزز التعاون الإقليمي، ولا سيما في مجالات التجارة والاستثمار، كأحد المخرجات الإيجابية للتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، مؤكدة أن التعاون الدولي، هو السبيل الوحيد لمواجهة الصدمات العالمية والتغلب عليها معًا، منوهة أنه قد لا يكون التمويل المتاح كافيًا لتلبية كل الاحتياجات، ولكن هناك دائمًا آليات مبتكرة للتفكير في جذب مزيد من الاستثمارات الخاصة من خلال خفض المخاطر.
جاء ذلك بحضور كريستالينا جيورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، وكريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، ونجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، وإيلان جولدفاجن، رئيس بنك التنمية للبلدان الأمريكية.