البورصة المصرية
البورصات العربية قريبا
مغلق
مفتوح
المزيد
ads

دولى وعربى

علاقة جديدة بين "مصر" و"إندونيسيا" بمناسبة مرور60 عاما على المؤتمر الآسيوى-الافريقى

لوتى نيا أسترى سوتيجا
لوتى نيا أسترى سوتيجا

سوف تقيم إندونيسيا احتفالا كبيرا بمناسبة الذكرى السنوية لمرور 60 عاما للمؤتمر الآسيوي الأفريقي المعروف  بمؤتمر باندونغ، المزمع عقده فى أبريل 2015. 

وحكومة إندونيسيا في هذا الحدث العظيم تدعو رؤساء دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا لحضور سلسلة من الأنشطة الرسمية بمناسبة هذا المؤتمر التارخي الذى يعتبر نواة ومنطلقا مهما لحركة الاستقلال ومناهضة الاستعمار فى العالم، خاصة فى القارتين الآسيوية والأفريقية. 

ويعد المؤتمر الآسيوي الأفريقى الأول الذي تم عقده فى شهر أبريل 1955 هو من بنات أفكار قادة المنطقة في ذلك الوقت، حتى أصبح فيما بعد النواة الأولى لنشأة حركة عدم الانحياز. وعشرة مبادئ باندونغ التى اعتمدتها 29 الدولة المشاركة فى المؤتمر تعد وثيقة سياسية مهمة من أجل محو الاستعمار من وجه الأرض وما زالت صالحة مفيدة حتى يومنا هذا، خاصة فيما يتعلق بنضال شعوب آسيا وأفريقيا لدعم استقلال الشعب الفلسطيني.

إن بذور فكرة المؤتمر الآسيوي الأفريقى أبداها الرئيس الإندونيسى الأول سوكارنو فى شهر مارس سنة 1933بباندونغ قائلا: "إذا عمل بول الإندونيسي جنبا إلى جنب مع أبي الهول المصرى، والثور ناندي الهندي، والأسد يونغ الصينى، وأبطال الاستقلال من دول أخرى، إذا أمكن لهؤلاء أن يعملوا جنبا إلى جنب مع كل أعداء الاستعمارية والرأسمالية العالمية، فمن المؤكد أن يقترب انتهاء تلك الاستعمارية الرأسمالية العالمية. 

يشير سوكارنو إلى دور مصر العظيم ومكانتها المهمة فى نضال شعوب دول آسيا وأفريقيا لحصولهم على الاستقلال والتحرر من الاستعمار.

ثم سجل التاريخ فيما بعد أن إندونيسيا ومصر أصبحتا رمزين أساسيين لولادة المؤتمر الآسيوي الأفريقى وحركة عدم الانحياز. وكان لكلا الدوليتن علاقة سيايسة ودبلوماسية وطيدة خلال 6 عقود حتى تتقلص فى الفترات الأخيرة. 

وخلال فترة حكومة الرئيس سوكارنو والرئيس جمال عبد الناصر فإن العلاقة بين مصر وإندونيسيا حكومة وشعبا وصلت قمتها، وحينها فإندونيسيا ومصر لديها رؤية مماثلة فى السياسة والاقتصاد ووجهة نظر متقاربة حول العلاقة مع دول العالم. وبدأت هذه العلاقة الحميمة تتلاشى تمشيا مع اختلاف قادة البلدين واختلاف وجهات نظر كل منهم فى السياسة الخارجية للبلدين.

فسياسة إندونيسيا الخارجية مؤخرا تتركز على البلدان القريبة جغرافيا، ولذلك نرى فى العقدين الأخيرين أن العلاقة مع الدول الآسيوية خاصة الدول أعضاء منظمة آسيان كانت فى مقدمة اهتمام صناع القرار السياسي بإندونيسيا.

 أما في مجال الاقتصاد فإن اهتمام صناع القرار بإندونيسيا فيه يتركز أكثر على أسواقها التقليدية في شرق آسيا وأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية. غير أننا رأينا فى السنوات القليلة الماضية تطورا ملحوظا فى سياسة إندونيسيا الخارجية حيث بدأت تهتم بأشقائها فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ويظهر ذلك جليا فى نمو العلاقة بين إندونيسيا والبلدان فى المنطقة فى مجال الاقتصاد وإن لم ترق إلى مستواها المطلوب.

قيام ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 بمصر وما يلاحقهما من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والأمنية خلال الثلاث سنوات الماضية لها دور فى شبه تواضع العلاقة السياسية بين مصر وإندونيسيا، وذلك لأن مصر تركز اهتمامها خلال هذه السنوات على توحيد الصفوف الداخالية حتى تستعيد مكانتها المرموقة فى المنطقة، ثم على تركيزها على تقوية العلاقة مع دول منطقة الشرق الأوسط ذات الثقافة المماثلة ودول أفريقيا ذات المصالح المشتركة، خاصة دول حوض النيل.

العلاقة بين إندونيسيا ومصر أيام الرئيس سوكارنو والرئيس جمال عبد الناصر اتسمت باعتناق البلدين رؤية سياسية واحدة تجاه العالم، أما العلاقة السياسية الحديثة بين البلدين تتسم بالتعاون السياسى وذلك فى صورة الدعم المتبادل بين البلدين فى المنظمات الدولية. 

أما العلاقة بين البلدين فى المجال الاقتصادى والتجارى فإنى أرى أن الفرصة في ذلك ما زالت مواتية وكبيرة. فحجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة (يناير - سبتمبر 2014)  بلغ 1.34 مليار دولار، بزيادة قدرها 23.46% مقارنة بالفترة نفسها عام 2013  ووصل الفائض التجاري لإندونيسيا 1.1 مليار دولار أمريكي. كما بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى إندونيسيا فى تلك الفترة 129.33 مليون دولار أمريكي، مقارنة بـ 126.88 مليون دولار خلال نفس الفترة عام 2013 بزيادة قدرها 13.22٪. بينما بلغت واردات إندونيسيا إلى مصر نحو 1.10 مليار دولار أمريكي. ونسبة واردات مصر من إندونيسيا مقارنة بوارداتها من دول العالم عام 2013 بلغ 1.6%، في حين أن صادرات مصر إلى إندونيسيا فقط 0.07٪ من قيمة صادراتها إلى العالم فى الفترة نفسها. يبدو من هذه المعطيات أنه لا يزال هناك الكثير من الفرص التي يمكن استكشافها من قبل رجال الأعمال من كلا البلدين للارتقاء وتحسين المستوى التعاون التجاري والاقتصادى بين البلدين.

وفي إطار التعاون الإنمائي فإن مصر وإندونيسيا يمكنهما الاستفادة من تجارب وخبراتهما الخاصة والتبادل بينهما، وذلك يتفق مع بيان المؤتمر الآسيوى الأفريقى 1955 الذي أكد أن على الدول النامية ألا تعتمد فى اقتصادها على الدول الصناعية، وذلك يكون بتقديم المساعدة التقنية والتنمية المتبادلة فيما بينها من خلال نقل التكنولوجيا والدراية الفنية وإقامة مراكز التدريب الإقليمية والمؤسسات البحثية. ومحتوى هذا البيان  الذي مر عليه حوالى 60 عاما لم يزل يعلو صيتها حتى اليوم، وذلك عندما سمعنا فى كثير من المناسبات نداءات بأهمية تعزيز التعاون بين دول الجنوب (التعاون جنوب - جنوب) خاصة فى المجال التنموي. فمصر –مثلا- انطلاقا من خبراتها الطويلة فى حماية القطع الأثرية والمباني التاريخية والمتحف، فيمكنها نقل هذه الخبرة إلى إندونيسيا. أما إندونيسيا، فانطلاقا من خبراتها فى تطوير وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي أصبحت واحدة من الدعم الرئيسي لاقتصادها، فبإمكتنها إفادة مصر فى هذا المجال، وغير ذلك من مجالات التعاون الإنمائي التى يمكن استكشافها لتحقيق المصالح المشتركة سواء كان في إطار التعاون الثنائي أو على نطاق أوسع التي يمكن لإندونيسيا ومصر القيام بها لتطوير التعاون جنوب - جنوب.

فمناسبة ذكرى 60 عاما للمؤتمر الآسيوي الأفريقى التي ستعقد في أبريل/نيسان القادم لابد أن يكون لها أهميتها للبلدين. فعلى مستوى العلاقة الثنائية، فكلا البلدين لديهما العديد من الاتفاقيات فى مختلف المجالات، مثل اتفاقيات الاقتصادية والتعاون الفنى والتجارة والتوأمة بين المحافظات والثقافة والسيايحة. غير أنه، وللأسف أن هذه الاتفاقيات لم يصحبها التنفيذ للمشاريع الحقيقية، ولا نبالغ إذا قلنا أن كثيرا من تلك الاتفاقيات لم يخرج من مجرد  حبر على ورق.

لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يمكن للدولتين القيام بها فى إطار الحفاظ على العلاقة التاريخية التي استمرت لأكثر من 6 عقود. ولعل مناسبة ذكرى 60 عاما للمؤتمر اللآسيوي الأفريقى سوف تكون منطلقا جديدا لعلاقة جديدة مثمرة بين مصر وإندونيسيا. علما بأن الرئيس الإندونيسيى جوكووي دودو بعث وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودى لمقابلة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، خلال قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا في أواخر يناير كانون الثاني الماضى، ومن أبرز أهدافها هو تسليم الدعوة الموجهة إلى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لحضور احتفال بمناسبة ذكرى 60 عاما للمؤتمر الأسيوي الأفريقى بإندونيسيا. فقد بعث الرئيس الإندونيسي الدعوات لحضور هذا الحفل إلى رؤساء الدول الشركاء المهمة، بما فى ذلك مصر التى تعتبر شريكا أساسيا لإندونيسيا فى منطقة أفريقيا وشرق الأوسط.

تشابه إندونيسيا مصر الآن من حيث أن لكل منهما رئيسا جديدا ذا رؤية جديدة في قيادة شعوبهما. فحضور الرئيس المصري في الاحتفال بمناسبة 60 عاما للمؤتمر الآسيوى الأفريقى خلال أبريل 2015 بإندونيسيا يمكن عده بداية لعلاقة جديدة مثمرة فى تاريخ العلاقة الثنائية بين البلدين.

* رئيسة قسم الاقتصاد بسفارة جمهورية إندونسيا بالقاهرة

تعليقات فيسبوك

تابعونا على

google news

nabd app news
اشترك في نشرتنا البريدية
almasdar

ليصلك كل جديد في قطاع البورصة والبنوك